فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)}.
وتأتي الصفة الثانية من صفات المنافقين، وهي صفة تدل على غفلتهم وحمق تفكيرهم، فإنهم يحسبون أنهم بنفاقهم يخدعون الله سبحانه وتعالى، وهل يستطيع بشر أن يخدع رب العالمين؟
إن الله عليم بكل شيء، عليم بما نخفي وما نعلن، عليم بالسر وما هو أخفى من السر، وهل يوجد ما هو أخفى من السر؟ نقول نعم، السر هو ما أسررت به لغيرك، فكأنه يعلمه اثنان، أنت ومن أسررت إليه. ولكن ما هو أخفى من السر، ما تبقيه في نفسك ولا تخبر به أحدا، أنه يظل في قلبك لا تسر به لإنسان، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7].
فلا يوجد مخلوق، يستطيع أن يخدع خالقه، ولكنهم من غفلتهم، يحسبون أنهم يستطيعون خداع الله جل جلاله. وفي تصرفهم هذا لا يكون هناك سلام بينهم وبين الله. بل يكون هناك مقت وغضب.
وهم في خداعهم يحسبون أيضا أنهم يخدعون الذين آمنوا، بأنهم يقولون أمامهم غير ما يبطنون، ولكن هذا الخداع شقاء عليهم، لأنهم يعيشون في خوف مستمر، وهم دائما في قلق أو خوف من أن يكشفهم المؤمنون، أو يستمعوا إليهم في مجالسهم الخاصة، وهم يتحدثون بالكفر ويسخرون من الإيمان، ولذلك إذا تحدثوا لابد أن يتأكدوا أولا من أن أحدا من المؤمنين لا يسمعهم، ويتأكدوا ثانيا من أن أحدا من المؤمنين لن يدخل عليهم وهم يتحدثون، والخوف يملأ قلوبهم أيضا، وهم مع المؤمنين، فكل واحد منهم يخشى أن تفلت منه كلمة، تفضح نفاقه وكفره.
وهكذا فلا سلام بينهم وبين المؤمنين.. والحقيقة أنهم لا يخدعون إلا أنفسهم. فالله سبحانه وتعالى، يعلم نفاقهم، والمؤمنون قد يعلمون هذا النفاق، فإن لم يعلموه، فإن الله يخبرهم به، واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 30].
ألم يأت المنافقون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليشهدوا أنه رسول الله ففضحهم الله أمام رسوله وأنزل قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1].
جاء المنافقون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون بصدق رسالته، والله سبحانه وتعالى يعلم أن هذه الشهادة حق وصدق، لأنه جل جلاله، يعلم أن رسوله صلى الله عليه وسلم، صادق الرسالة، ولكنه في الوقت نفسه يشهد بأن المنافقين كاذبون. كيف؟
كيف يتفق كلام الله مع ما قاله المنافقون ثم يكونون كاذبين؟
نقول: لأن المنافقين قالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فهم شهدوا بألسنتهم فقط أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله ولكن قلوبهم منكرة لذلك، مكذبة به، ولذلك فإن ما قاله المنافقون رغم أنه حقيقة إلا أنهم يكذبون، ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، لأن الصدق هو أن يوافق الكلام حقيقة ما في القلب، وهؤلاء كذبوا، لأنهم في شهادتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يعبرون عن واقع في قلوبهم، بل قلوبهم تُكَذِّبُ ما يقولون.
وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم يفضح الله سبحانه وتعالى فيها المنافقين وينبئ رسوله صلى الله عليه وسلم بما يضمرونه في قلوبهم، إذن فخداعهم للمؤمنين، رغم أنه خداع بشر لبشر، إلا أنه أحيانا تفلت ألسنتهم، فتعرف حقيقتهم، وإذا لم يفلت اللسان، جاء البيان من الله سبحانه وتعالى ليفضحهم، وتكون حصيلة هذا كله، أنهم لا يخدعون أحدا، فالله يعلم سرهم وجهرهم، فمرة يعين الله المؤمنين عليهم فيكشفونهم، ومرة تفلت ألسنة المنافقين فيكشفون أنفسهم.
إذن فسلوك المنافق، لا يخدع به إلا نفسه، وهو الخاسر في الدنيا والآخرة، عندما يؤدي عملا إيمانيا، فالله يعلم أنه نفاق، وعندما يحاول أن يخدع المؤمنين، ينكشف، والنتيجة أنهم يعتقدون بأنهم حققوا لأنفسهم نفعا، بينما هم لم يحققوا لأنفسهم إلا الخسران المبين. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)}:
أخرج أحمد بن منيع في مسنده بسند ضعيف عن رجل من الصحابة أن قائلًا من المسلمين قال: يا رسول الله ما النجاة غدًا قال: «لا تخادع الله» قال وكيف نخادع الله؟ قال: «أن تعمل بما أمرك به تريد به غيره، فاتقوا الرياء فإنه الشرك بالله، فإن المرائي ينادي به يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا خاسر، يا غادر. ضل عملك، وبطل أجرك، فلا خلاق لك اليوم عند الله، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع، وقرأ آيات من القرآن {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا} [الكهف: 110] الآية و{إن المنافقين يخادعون الله} [النساء: 142] الآية».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله: {يخادعون الله} قال: يظهرون لا إله إلا الله، يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم، وفي أنفسهم غير ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال: سألت ابن زيد عن قوله: {يخادعون الله والذين آمنوا} قال: هؤلاء المنافقون، يخادعون الله ورسوله، والذين آمنوا أنهم يؤمنون بما أظهروه. وعن قوله: {وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون} قال: ما يشعرون بأنهم ضروا أنفسهم بما أسروا من الكفر والنفاق، ثم قرأ: {يوم يبعثهم الله جميعًا} [المجادلة: 18] قال هم المنافقون حتى بلغ قوله: {ويحسبون أنهم على شيء}.
وأخرج البيهقي في الشعب عن قيس بن سعد قال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المكر والخديعة في النار»، لكنت أمكر هذه الأمة. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال ابن عادل:

قوله: {يخادعون} هذه الجملة الفعلية يحتمل أن يكون مستأنفةً جوابًا لسؤال مقدّر هو: ما بالهم قالوا: آمنا وما هم بؤمنين؟
فقيل: يخادعون الله، ويحتمل أن تكون بدلًا من الجملة الواعقة صلة لمن وهي يقول، ويكون هذا من بدل الاشْتِمَالِ؛ لأن قولهم كذا مشتمل على الخداع، فهو نظير قوله: الرجز:
إِنَّ عَلَيَّ اللهَ أَنْ تُبَايِعَا ** تُؤْخَذَ كَرْهًا أَوْ تَجِيءَ طَائِعَا

وقول الآخر: الطويل:
مَتَى تَأْتِنَا تُلْمِمْ بِنَا فِي دِيَارِنَا ** تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تَأَجَّجَا

ف تؤخذ بدل اشتمال من تبايع، وكذا تُلْمِم بدلٌ من تَأْتِنَا.
وعلى هذين القولين، فلا مَحَلَّ لهذه الجملة من الإعراب.
والجمل التي لا مَحَلَّ لها من الإعراب أربع لا تزيد على ذلك- وإن توهّم بعضهم ذلك- وهي: المبتدأ والصِّلة والمُعْترضة والمفسّرة، وسيأتي تفسيرها في مواضعها.
ويحتمل أن تكون هذه الجملة حالًا من الضَّمير المستكن في يقول تقديره: ومن الناس من يقول حال كونهم مخادعين.
وأجاز أبو البقاء أن يكون حالًا من الضمير المستكن في {بمؤمنين} والعامل فيها اسم الفاعل.
وقد ردّ عليه بعضهم بما معناه: أن هذه الآية الكريمة نظير: ما زيد أقبل ضاحكًا، قال: وللعرب في مثل هذا التركيب طريقان:
أحدهما: نفي القيد وحده، وإثبات أصل الفعل، وهذا هو الأكثر، والمعنى: أن الإقبال ثابت، والضحك منتفٍ، وهذا المعنى لا يتصوّر إرادته في الآية، أعني: نفي الخِدَاع، وثبوت الإيمان.
الطريق الثاني: أن ينتفي القَيْدُ، فينتفي العامل فيه، فكأنه قيل في المثال السابق: لم يقبل، ولم يضحك، وهذا المعنى- أيضًا- غير مراد بالآية الكريمة قطعًا، أعني: نفي الإيمان والخداع معًا، بل المعنى على نَفْي الإيمان، وثبوت الخداع، ففسد جعلها حالًا من الضمير في {بمؤمنين}.
والعجب من أبي البَقَاءِ كيف استشعر هذا الإشكال، فمنع من جعل هذه الجملة في محل جر صفة ل {مؤمنين}؟ قال: لأن ذلك يوجب نفي خِدَاعهم، والمعنى على إثبات الخداع، ثم جعلها حالًا من ضمير {بمؤمنين} ولا فرق بين الحال والصفة في هذا.
والخداع أصله: الإخفاءُ، ومنه الأَخْدَعَان: عِرْقان مُسْتَبْطنان في العُنُقِ، ومنه مخدع البيت، وخَدَع الضَّبُّ خِدْعًا: إذا توارى في جُحْرِه، وطريق خادع وخديع: إذا كان مخالفًا للمقصد، بحيث لا يفطن له؛ فمعنى يخادع: أي يوهم صاحبه خلاف ما يريد به المَكْروه.
وقيل: هو الفساد أي يفسدون ما أَظْهَروا من الإيمان بما أَضمروا من الكُفْرِ قال الشاعر: الرمل:
أَبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُهُ ** طَيِّبُ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدَعْ

أي: فسد.
ومعنى {يُخَادعون الله} أي: من حيث الصورة لا من حيث المَعْنِى.
وقيل: لعدم عرفانهم بالله- تعالى- وصفاته ظنّوه ممن يُخَادَع.
وقال الزَّمخشري: إن اسم الله- تعالى- مُقْحَم، والمعنى: يخادعون الذين آمنوا، ويكون من باب: أعجبني زيد وكرمه.
والمعنى: أعجبني كرم زيد، وإنَّما ذكر زيد توطئةً لذكر كرمه.
وجعل ذلك نظير قوله تعالى: {والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]، {إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57]، وهذا منه غير مُرْضٍ؛ لأنه إذا صح نسبة مخادعتهم إلى الله- تعالى- بالأوجه المتقدّمة، فلا ضرورة تدعو إلى ادعاء زيادة اسم الله تعالى.
وأما أعجبني زيد وكرمه، فإن الإعجاب أسند إلى زيد بجملته، ثم عطف عليه بعض صفاته تمييزًا لهذه الصفة من بين سائر الصفات للشرف، فصار من حيث المعنى نظيرًا لقوله تعالى: {وملائكته وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال} [البقرة: 98].
والمصدر الْخِدْع بكسر الخاء، ومثله: الخديعة.
وفَاعَلَ له معانٍ خمسة:
المشاركة المعنوية نحو: ضارب زيد عمرًا.
وموافقة المجرد نحو: جاوزت زيدًا أي: جُزْتُه.
وموافقة أفعل متعديًا نحو: باعدت زيدًا وأبعدته.
والإغناء عن أفعل نحو: واريت الشيء.
وعن المجرد نحو: سافرت وقاسيت وعاقبت، والآية فَاعَل فيها يحتمل المعنيين الأوّلَيْن.
أما المشاركة فالمُخَادعة منهم الله- تعالى- تقدم معناها، ومخادعة الله إياهم من حيث إنه أجرى عليهم أَحْكام المسلمين في الدنيا، ومُخَادعة المؤمنين لهم كونهم امتثلوا أمر الله- تعالى- فيهم، وأما كونه بمعنى المُجّرَّد، فيبينه قراءة ابن مسعود وأبي حَيَوَةَ {يَخْدَعُونَ}.
وقرأ أبو عمرو والرميان {ومَا يُخَادِعُونَ} كالأولى، والباقون {ومَا يَخْدَعُونَ} فيحتمل أن تكونا القراءتان بمعنى واحد، أي: يكون فَاعَلَ بمعنى فَعَل، ويحتمل أن تكون المُفَاعلة على بابها، أعني صدورها من اثنين، فهم يُخَادعون أنفسهم، حيث يُمَنُّونَها الأباطيل، وأَنْفُسهمْ تخادعهم تمنِّيهم ذلك، فكأنها مُحَاورة بين اثنين، ويكون هذا قريبًا من قول الآخر: المنسرح.
لَمْ تَدْرِ مَا لاَ وَلَسْتَ قَائِلَهَا ** عُمْرَكَ ما عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ

وَلَمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرِيًا ** فِيهَا وَفِي أُخْتِهَا وَلَمْ تَلِدِ

وقال آخر: الطويل:
يُؤَامِرُ نَفْسَيْهِ وَفِي الْعَيْشِ فُسْحَةٌ ** أَيَسْتَوْقِعُ الذُّوبَانَ أَمْ لاَ يَطُورُهَا

قال الزمخشري: الاقتصار بخادعت على وجهه أن يُقَال: عني به فعلت، إلا أنه على وزن فاعلت، لأن الزِّنَةَ في أصلها للمغالبة، والفعل متى غولب فيه جاء أبلغ وأحكم منه إذا زاوله وحده من غير مُغَال لزيادة قوة الداعي إليه، ويعضده قراءة أبي حيوة المتقدمة.
وقرئ: {وَمَا يُخَدِّعَونَ} ويُخَدِّعُونَ من خَدَّعَ مشددًا.
و{يُخَدِّعَونَ} بفتح الياء والتشديد؛ الأصل يختدعون، فأدغم.
وقرئ: {وما يُخْدَعُونَ} {ويُخَادَعُونَ} على لفظ ما لم يسم فاعله، وتخريجها على أن الأصل: وَمَا يُخْدَعُونَ إِلاَّ عَنْ أنفسهم فلما حذف الجَرّ انتصب على حَدّ: الوافر:
تَمُرُّونَ الدِّيَارَ فَلَمْ تَعُوجُوا

{إلا أنفسهم} {إلا} في الأصل حرف استثناء و{أنفسهم} مفعول له، وهذا استثناء مفرغ، وهو: عبارة عما افتقر فيه ما قبل {إلا} لما بعدها، ألا ترى أن {يخادعون} يفتقر إلى مفعول؟ ومثله: ما قام إلا زيد، فقام يفتقر إلى فاعل، والتَّام بخلافه، أي: ما لم يفتقر فيه ما قيل {إلا} لما بعدها، نحو: قام القوم إلاّ ويدًا، وضربت القوم إلا بكرًا، فقام أخذ فاعله، وضربت أخذ مفعوله، وشرط الاستثناء المُفَرَّغ أن يكون بعد نفي، أو شبهة كالاستفهام والنهي.
وأن قولهم: قرأت إلاّ يوم كذا، فالمعنى على نفي مؤول تقديره: ما تركت القراءة إلاَّ يومًا، هذا ومثله: {ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] و{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين} [البقرة: 45].
وللاستثناء أحكام كثيرة تأتي مفصّلة في مواضعها إن شاء الله تعالى.
والنَّفْسُ: هنا ذات الشيء وحقيقته، ولا تختص بالأجسام لقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]، {وَمَا يَشْعُرُونَ} هذه الجملة الفعلية يحتمل إلا يكون لها محلّ من الإعراب؛ لأنها استئناف، وأن يكون لها محلّ، وهو النصب على الحال من فاعل {يخدعون} والمعنى: وما يرجع وَبَال خداعهم إلاَّ على أنفسهم غير شاعرين بذلك، ومفعول {يشعرون} محذوف للعلم به، تقديره: وما يشعرون أن وَبَالَ خداعهم راجع على أنفسهم، واطّلاع الله عليهم.
والأحسن ألا يقدّر مفعول؛ لأن الغرض نفي الشعور عنه ألبتة من غير نظر إلى مُتَعلِّقه، والأوّل يسمى حذف الاختصار، ومعناه: حذف الشيء بدليل.
والثاني يسمى حذف الاختصار، وهو حذف الشيء لا لدليل.
والشُّعور: إدراك الشيء من وجه يدقّ، وهو مشتقّ من الشَّعَر لدقّته.
وقيل: هو الإدراك بالحاسّة مشتقّ من الشِّعِر، وهو ثوب يلي الجَسَد، ومنه مشاعر الإنسان أي: حواسّه الخمسة التي يشعر بها. اهـ.